خلال الجلسات التحضيرية لفيلم “الخطايا” الذي عُرض عام 1962، فاجأ العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ المخرج حسن الإمام بقرار غير متوقع، إذ رشّح الفنانة نادية لطفي لتكون بطلة الفيلم بدلًا من سعاد حسني، رغم أنه كان قد أعلن سابقًا أن “السندريلا” هي بطلة عمله الجديد.
لم تكن المفاجأة في اختيار نادية لطفي بحد ذاته، بل في إقصاء سعاد حسني من البطولة، خاصة أن حليم لم يسبق أن شاركها بطولة فيلم رومانسي، إذ اقتصر تعاونهما على تجسيد دور الأخت في إحدى حكايات فيلم البنات والصيف. هذا القرار أثار فضول حسن الإمام، فسأل حليم مباشرة: “لماذا رفضت سعاد حسني؟”.
في البداية اكتفى حليم بجواب تقليدي: “الحب قسمة ونصيب يا أستاذ حسن”، لكنه سرعان ما كشف السبب الحقيقي. فقد أوضح أنه أراد في الخطايا أن يركّز على موهبته التمثيلية ويغوص في المواقف الدرامية بعيدًا عن الأغنيات، ورأى أن وجود سعاد إلى جانبه قد يربك أداءه بسبب الصراع العاطفي بينهما، مما قد ينعكس سلبًا على صدق الشخصية.
هنا، ابتسم الإمام قائلاً إن ما سمعه يصلح لأن يكون قصة فيلم بحد ذاتها، لكن حليم اكتفى بالضحك وفضّل التركيز على خطوته التالية: الاتصال بنادية لطفي.
لم تتردد نادية في قبول الدعوة، معبّرة عن سعادتها الكبيرة بالفرصة التاريخية للوقوف أمام عبدالحليم، الفنان الذي لطالما حلمت بالعمل معه. وعندما حضرت إلى مكتب شركة “صوت الفن”، استقبلها حليم والإمام بحرارة. ثم قدّم لها حليم قلمًا ذهبيًا لتوقيع عقد البطولة.
تساءلت نادية بدهشة عن سبب هذه الهدية، فأجابها حسن الإمام: “هذا قلم لتوقيع عقد بطولة فيلم الخطايا”. غمرتها الدهشة والفرحة في آن واحد، لكنها اشترطت شرطًا وحيدًا: أن تحتفظ بالقلم الذهبي كتذكار لأجمل لحظة في حياتها الفنية. فما كان من حليم إلا أن ابتسم قائلًا: “غالي والطلب رخيص”.